بينما يضع أقرانه كتبهم
في حقائبهم متجهين بها إلى بوابة المدرسة مع بدء الفصل الدراسي الثاني للعام
الميلادي 2013 – 2014م تخبئ والدته حسرتها عليه في قلبها بعبارة هزت
ضمير الإنسانية فينا جميعاً ” لو أدري بصيدك جدي جان خشيتك في قلبي “
الطفل جاسم محمد البناء
من ذوي الاحتياجات الخاصة لم يكمل بعد السابعة عشر من عمره مريض بالقلب و لديه
صعوبات في التعلم إلا أنه حريص على تحقيق أحلامه التي و إن سرقها النظام بوحشيته
سعى إلى تحقيقها من خلف القضبان ..
قبل
إعتقاله خرج يرتجف واضعاً يده على قلبه
اعتقل فجر يوم 6 يناير 2014 م و بالتحديد عند
الساعة الثانية فجراً من منزله بعد
الانتهاء من مذاكرة دروسه استعداداً للامتحانات النهائية للفصل الدراسي الأول ،
أغلق كتابه و أغلقت أمه عيونها مطمئنة على فلذة كبدها ، لتستيقظ فجراً على صوت
قوات الشغب ” خفافيش الظلام ” جاءت لتخطف جاسم من عيونها بقسوة ، و لأنه
مسالم طيب حنون على أمه غاب صوته عنها و هو يردد بجسمه الهزيل و قلبه المريض إلا
من حبها ” بدمي أفدي الوفية ” .
جاسم المريض بالقلب و
الذي أكد الأطباء لوالديه ضرورة العناية به عناية خاصة و عدم تكليفه ببذل أي مجهود
يتعبه حتى ممارسة الرياضة في المدرسة تحكي والدته طريقة اعتقاله بلوعة قائلة ” كملت مع جاسم مذاكرته للامتحان و قلبي مطمن
عليه راح بنام .. كلها ساعة إلا نسمع صوت
دق على كل نوافذ البيت ما استوعبنا الي نسمعه .. و جاسم من شدة خوفه دخل
دورة المياه ” .
استيقظت صغيراتها الثلاث
من النوم مفزوعات يتصارخن ليقوم خفافيش الظلام بتفتيش المنزل غرفة غرفة غير آبهين
لصراخهن ، سـألوا عن المتواجد في دورة المياه ، أجابتهم والدته “ولدي جاسم ” أمروه
بالخروج حالاً ، خرج يرتجف واضعاً يده على
قلبه ، سأله أحدهم وهو ملثم ” شفيك جاسم ؟
” أجاب مرتبكاً من شدة الخوف ” قلبي .. ” تظاهر المدني بالرحمة و التعاطف قائلاً ”
لا تخاف ” آمراً الأم بجلب كأس من الماء ليهدأ من روع المسكين جاسم شرب شربة واحدة و اقتادوه من منزله إلى حيث لا
يعلم !
جاسم المريض بالقلب تصف
والدته وضعه الصحي متوجعة قلقة عليه بقولها ” جاسم من ذوي الاحتياجات الخاصة و
لديه صعوبات في التعلم إذ لديه خلل في مراكز القراءة في الدماغ ، و مستوى ذكائه
أعلى من المعدل الطبيعي إضافة إلى أنه
مصاب بمرض في قلبه و مرض وراثي آخر ، إلى جانب عدة مشاكل صحية يعاني منها منذ
ولادته فقد اكتشف الأطباء منذ صغره وجود وصلة بقلبه و على إثرها يحتاج إلى كشف و
فحوصات دورية كل ثلاثة شهور كما أنه قد يحتاج إلى عملية حسب كلام الأطباء ” .
”
أماه .. شوفي أنا فيني شدة أعمال شغب ؟
إذا كان السجان لا يشعر
بقسوة الشتاء فـ جاسم بجمسه الهزيل لا يقوى على ذلك التقطت عيون والدته ملابسه
الصيفية الخفيفة في جوء شتوي بارد خلال زيارتها له في الحوض الجاف ، كان يتساءل
بقلب مكسور ” أماه .. شوفي أنا فيني شدة أعمال شغب ؟
أنا ضعيف ضعيف ما أقدر
أسوي شي ” ، لم تجد والدته جواباً شافياً
لسؤاله سوى هذه الكلمات المؤلمة ” لو أدري بصيدك جدي جان خشيتك في قلبي ” واصفةً وضعه في المعتقل بقولها ” تقطع قلبي عليه
دار راسه و صاده ألم في قلبه و حولوه على السلمانية و بعدها عيادة القلب و كان لابس ثياب صيفية في عز الشتاء ، خايفة على صحته بنيته ضعيفة و ما تتحمل شي ،
أقول إن شاء الله ما يبرد الجو أكثر أحاتيه و أحاتي المساجين إلي وياه .. “
أما عن طبيعة علاقاته
الاجتماعية فتقول والدته ” جاسم صفحة بيضاء، بطبعه انطوائي مسالم طيب و هو بيتين
الي يزورهم بس و المسجد وقت الصلاة و إذا
يروح البرادة أوصله لأني أخاف عليه من قلبه و لذلك كل من سمع و عرف
باعتقاله انصدم بشدة ! ”
وعن التهم الموجهة له فتقول والدته ” التهم الموجهة
لجاسم التجمهر و أعمال شغب وهو موقوف على
ذمة التحقيق لمدة 60 يوما ” .
تختم أمه حديثها معنا
مناشدة المنظمات الحقوقية و المعنية بالطفل على وجه الخصوص بقولها ” أنا قلقة على
وضع ابني جاسم فقد أكدت طبيبته مراراً و
تكراراً علينا ضرورة العناية به و المحافظة على عدم ارتفاع ضغط دمه رعاية لقلبه ..
أناشدكم بالإفراج العاجل عنه ” .
جاسم رغم إعاقته إلا أنه
متفوق في كل المجالات المتعلقة بالكمبيوتر و دائماً ما كان يقول لأمه
” إذا خلصت من المدرسة بروح اليابان و بدرس شلون أصمم ألعاب و رسوم
كارتون “.
الآن يحلم جاسم بالحرية مصحوبة بإكمال
الدراسة و هذا ما يردده على مسامع والدته
في كل زيارة له بالمعتقل ” أبغي أكمل دراستي و أحقق حلمي ” فهل من ضمير حي يسمع
ذلك و يعيده إلى أحضان أمه رأفة بوضعه الصحي ؟